قصة خلية دم حمراء
فضلا ولطفا وكرما ورحمة بنفسك لاتدخن
حكت خلية دم حمراء لأحد المدخنين فقالت:-
ولدت في نخاع العظم منذ بضعة شهور، كنت نشيطة أتجول في كل مكان، كنت أسبح في بلازما الدم مع زميلاتي لا أمَلّ ولا أتعب،
وجاء يوم عسير شديد،ففي ذلك اليوم كنت أتابع السباحة في الشعيرات الدموية في الرئتين،وكان من المفروض أن أقوم بإلقاء ما أحمله من ثاني أكسيد الكربون وأحمل بدلا منه الأكسجين الذي سيجعلني مُشْرقة منتعشة، فأحمله إلى أنسجة الجسم ، ولكني في هذا اليوم فوجئت بما لا يسر! وجدت سُحباً من الدخان تدخل مع الهواء، وارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون، وترسبت ذرات الكربون على الحويصلات الهوائية ولم استطع حمل الأكسجين بالنسبة المقررة لي من قيادتي، ولم استطع التخلص من ثاني أكسيد الكربون كما يجب،
وفجأة وجدت وحشًا ضخمًا يجري ورائي أنا وزميلاتي، ومن يلحق بها يلتصق بها ولا يتركها أبدًا، وعرفت أن اسمه أول أكسيد الكربون المفزع وأنه شره للهيموجلوبين، ففهمت أن صاحبي مدخن فكرهته وضاقت الدنيا بي، وأصبحت رحلتي للرئتين قطعة من العذاب، فقد ضاقت مسالك الهواء، وامتلأت بالبلغم، وتغير لونها الأحمر القاني الجميل إلى الأسود الكئيب من تراكم الكربون، وفقدت كثيرًا من زميلاتي وأحبابي، وشحب لوني، وكل يوم أجد أعداءً من الفيروسات والبكتريا، وتحدث حروب وخسائر وتموت أهداب كانت يوما تلعب وتمرح في همة ونشاط، ولكن قسوة صاحبي فوق كل وصف، فطلبت نقلي فورًا إلى الجهاز الهضمي لعلي أرتاح، لكني كدت أفقد حياتي من قرحة في المعدة تنزف، ففرت إلى وعاء كبير ومنه إلى الأمعاء وجدت الالتهابات والمخاط والتـقرحات فأصابني دوار شديد من هول ما رأيت، وأصبح الغذاء لا يكفينا فقررت بشجاعة أن أذهب بنفسي إلى الطحال لأموت ويستفيد صاحبي البائس من الحديد داخلي بعد موتي، ولكن الطرق كانت ضيقة ومملوءة بالدهون على الجدران فوجدت نفسي قد التصقت عليها مع الصفائح وتجلطت وانتهت حياتي، وتركت أصدقائي يعذبون في القلب والنخاع والكبد والعين والكلية والأطراف التي بترت بعد وقت ليس بطويل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فضلا ولطفا وكرما ورحمة بنفسك لاتدخن
