http://ibrahimalbrri.blogspot.com/2011/12/blog-post.html#ixzz2mznUMuyS

بحث هذه المدونة الإلكترونية

كلمة من أجل الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الصالحات والطالحات ....والأوقات الفاضلة 
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى من الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإيمان وإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
     لقد امتن الله تعالى على بني الإنسان بنعمة الزمن الذي هو أغلى ما يملك الإنسان، فالزمن وفق المعادلة الرياضية هو [الزمن = الذهب، الماس ، الجواهر...] ، والزمن بالطبع سنين وشهور ونهار وليل ... .
ولقد فضل الله تعالى بعض الشهور على بعض ، وبعض الأيام على بعض، وبعض الليالي على بعض .
قال الله تعالى في محكم التنزيل : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، فالشهور عند الله كما بينت الآية اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم .
ومنها شهر رمضان المبارك الذي قال الله تعالى فيه : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].
ومنها شهر شعبان الذي كان يكثر فيه صلى الله عليه وسلم من الصيام وذلك لفضله وشرفه .
ومنها شهر ذي الحجة ، الذي فيه صيام تسعة أيام منها اليوم التاسع وهو يوم وقفة عرفة ، وهو من أشرف الصيام كذلك .
وصيام تاسوعاء وعاشوراء .
ومنها ثلث الليل الأخير حيث ينزل الله تعلى إلى السماء الدنيا كما يليق بجلاله.
وفي كل ذلك وردت الأحاديث الصحيحة .
وفي شهر رمضان ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر ، فقال الله تعالى في شأنها : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3] فالله اختار تلك الليلة من رمضان لإنزال أفضل كتبه على البشرية .
وقال الله تعالى فيها كذلك : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } .
فالله تبارك وتعالى جعل الزمان ، وفضل بعضه على بعض لابتلاء الناس واختبارهم ، لزيادة الإحسان لمن أحسن ، والويل والنكال لمن أساء .
وبيان ذلك أن الطاعة –كما هو معلوم قطعا- في رمضان ليست كباقي الشهور في الأجر ، والعمل في التسع من ذي الحجة ليس كالعمل فيما سواها .
وأجر ليلة القدر ليس كأجر أي ليلة أخرى على الإطلاق .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» صحيح البخاري (3 / 26).
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» سنن أبي داود (2 / 325) .
وغير ذلك كثير مما دل عليه الكتاب ، والسنة المطهرة .
فإذا كان هذا شأن الصالحات في هذه الأوقات الفاضلة ؟ فكيف بعمل الطالحات والأمور المنكرة المحرمة في الأيام الفاضلة ؟!
إن هذا الأمر يحتاج إلى وقفات ووقفات للتأمل والتدبر ، فالأمر جد خطير ، فكما أن الله تعالى يعطي الكثير على العمل القليل ، فكذلك فعقابه أليم شديد وبالأخص لمن انتهك حرمات الله تعالى في كل الأيام ومنها الأيام الفاضلة التي جعلها الله تعالى زلفى لعباده من أجل التقرب إليه .
فكما أن الحسنات تتضاعف في الأيام المشهود لها بالأفضلية ، ألا فاعلموا أن السيئات والأوزار تتضاعف كذلك في تلكم الأيام .
قال الإمام الشاطبي : الموافقات (2 / 342):
[...ومن ذلك أن العمل على المقاصد الأصلية يصير الطاعة أعظم، وإذا خولفت كانت معصيتها أعظم.
أما الأول:
فلأن العامل على وفقها عامل على الإصلاح [العام] لجميع الخلق والدفع عنهم على الإطلاق؛ لأنه إما قاصد لجميع ذلك بالفعل، وإما قاصر نفسه على امتثال الأمر الذي يدخل قصده كل ما قصده الشارع بذلك الأمر، وإذا فعل [ذلك] جوزي على كل نفس أحياها، وعلى كل مصلحة عامة قصدها، ولا شك في عظم هذا العمل، ولذلك كان من أحيا النفس فكأنما أحيا الناس جميعا، وكان العالم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء بخلاف ما إذا لم يعمل على وفقه، فإنما يبلغ ثوابه مبلغ قصده؛ لأن الأعمال بالنيات، فمتى كان قصده أعم، كان أجره أعظم، ومتى لم يعم قصده، لم يكن أجره إلا على وزان ذلك، وهو ظاهر.
وأما الثاني:
فإن العامل على مخالفتها عامل على الإفساد العام، وهو مضاد للعامل على الإصلاح العام، وقد مر أن قصد الإصلاح العام يعظم به الأجر، فالعامل على ضده يعظم به وزره، ولذلك كان ابن آدم الأول كفل من وزر كل من قتل النفس المحرمة؛ لأنه أول من سن القتل1، وكان من قتل النفس فكأنما قتل الناس جميعا، و "من سن سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها].
وإني أسأل الله تعالى أن يعافينا من كل مكروه , وأن يجنبنا معصيته وكفران نعمه .
لقد أوشك الشهر الفضيل على الانتهاء وها هم المسلمون في أنحاء العالم يستعدون لاستقبال العيد ، فلنجعل العيد فرحة وطاعة لله تعالى ، لا انتقالا من الطاعة إلى المعصية، فمن المعلوم أن الناس في العيد يتساهلون في المعصية ولا يدركون أن العيد هو جائزة الصائم المعجلة ، وأن الجائزة الكبرى هي في جنان الرحمان .
يجب أن تدرك الأمة أن الذي شرع العبادة في رمضان شرعها في سائر الأيام ومنها أيام العيد .
فلا يجوز والحالة هذه أن نتحلل من كل التكاليف الشرعية بحجة العيد؟؟!
فالعيد ما هو إلا محطة من محطات طاعته سبحانه ، وعلينا دائما أن ننظر إلى الأمور بعين الحقيقة لا بعين كليلة .
أسأل الله تعالى أن لا يعود رمضان القادم إلا وقد جفت دماء المسلمين في كل مكان وعم الأمن والإيمان ربوع عالم الإسلام .

ضع تعليقك هنا

اشتراك في يمن العجائب

مجموعات Google
اشتراك في يمن العجائب
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تعديل

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More