http://ibrahimalbrri.blogspot.com/2011/12/blog-post.html#ixzz2mznUMuyS

بحث هذه المدونة الإلكترونية

مـهـلا رمــضـان ! لم نرتوي منك بعد

مـهـلا رمــضـان ! لم  نرتوي منك بعد

    بالأمس القريب جدا كنا نتحدث عن قدوم رمضان، رمضان علي الأبواب .. استعدوا لرمضان اللهم بلغنا رمضان ..  وكنا نستعد لرمضان وكنا نتابع برامج تتحدث عن مراقبة الهلال وعن توحيد الصيام، ورأينا المساجد تنظف وتتزين وتتأهب لقدوم ضيف غال وكريم كما شاهدنا المصاحف تستخرج من مخابئها وينثر عنها الغبار استعدادا لكثرة الوافدين على بيوت الله التالين لآيات الذكر الحكيم ، كما لاحظنا أن الساحات والمناطق المجاورة للمساجد تكنس وتفرش لكثرة الواردين .
   دخلت يا رمضان فأشعلت الفوانيس، وأنيرت الصوامع، وابتهجت الشوارع، وفرح الأطفال حتى ملئوا أركان الأحياء ابتهاجا وضجيجا.
  حللت يا رمضان فامتلأت المساجد وفرحت الصلوات بكثرة التائبين وخصوصا صلاة الفجر التي تشكو من قلة الصفوف في غيرك من الشهور، واشتد الزحام على أفضل المجودين في التراويح وكثر الترحال من حي لآخر ومن منطقة لأخرى بحثا عن قارئ حاذق يشنف أسماع المصلين بآي الوحي يتلوها على السامعين ويترنم بها كأنها تتنزل اللحظة غضة طرية، فإذا بعاصي البارحة مخبت اليوم وإذا بفاتر الأمس مجتهد اللحظة ، وكأن لرمضان سحر يجعل الحجر تبرا والتراب مسكا أظفرا، فرمضان شهر ليس كباقي الشهور وأيامه ليست كباقي الأيام كما أن لياليه ليست كباقي الليالي فهو شهر الخير والبر والبركة والصبر والنصر شهر يتغير فيه برنامج الإنسان وعاداته واهتماماته فهو مدرسة سنوية لتخريج أهل الصبر وتتويج أهل التقوى وإبراز أهل الشكر.
   رمضان مناسبة تتجدد سنويا لتذكرنا أن سلفنا الصالح فعلوا فيه الكثير من المنجزات العظام، وأن جل التحولات العميقة في تاريخ الأمة كانت خلال شهر رمضان، ابتداء من نزول القرآن ومرورا بغزوة بدر التي سميت بالفرقان وتيمنا بالزلاقة في زمن الرباط والمرابطين وانتهاء بكل الانتصارات الحاسمة في تاريخ المسلمين، فهل نحيي رمضان ونعيش نفس الأجواء التي أحدثت ذالكم التغيير وتلكم الخصوصية .
  تتسارع أيام رمضان وتمضي أوقاته وساعاته بسرعة مذهلة كأنها البرق الخاطف، وكأن الشهر أسبوعا والأسبوع لحظات، ترى ما الذي جعل هذا الضيف العظيم يخفف زيارته ويستعجل مستقبليه، أتراه يريد أن يخفف ويرحم أهل الجد والاجتهاد الذين أظمئوا نهارهم وأسهروا ليلهم في ما ينفعهم واستغلوا أوقات فراغهم في بناء أخلاقهم واستكمال نقصهم، واقتصدوا في نفقاتهم وفروا من مصروفهم من أجل إعانة فقير أو محتاج في شهر من مقاصد صيامه التضامن في الجوع ومن معاني الأكل فيه إفطار الصائمين، أم تراه يريد أن يتخفف من أهل الفراغ والكسل الذين ضيعوا ليلهم في اللهو وأحيانا في الفسق ثم ناموا جل نهارهم فإذا استيقظوا سبوا وشتموا ولعنوا كأنهم صيام عقوبة وقهرا بل إن منهم من اقترف جريمة القتل في شهر العتق، قوم إذا أنفقوا أسرفوا واشتروا ما يأكلون وما لا يأكلون وأكثروا الوحم والتشهي وملئوا بطونهم حتى عجزوا عن القيام وما فضل ألقوه في حاويات الأزبال حتى أصبحت تشتكي إلى خالقها عجزها عن استيعاب ما يطرح فيها وفيما حولها وتستغفر لرجال النظافة الذين أُتعِبوا جهدا ورائحة كريهة .
  مهلا رمضان فلعلك زرتنا فيما مضى فوجدتنا قد خرجنا إلى الشارع نطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ونريد أن نسقط الفساد والاستبداد ففرحت واستبشرت خيرا فلما عدت وجدتنا قد تصالحنا مع الاستبداد ووطّناه وسامحنا الفساد وعفونا عنه ومكّناه فأنت تسرع الخطى لتتجاوز قوما ألفوا الخنوع واستحْلَوا الركوع  .
   مهلا رمضان ولا تيأس فشجرة الحرية قد أورقت وباكورة الكرامة قد أينعت وصبح العدل قد لاح في الأفق وتوطدت في سوداننا الحبيب وشمس الأنعتاق عن الاستبداد قد ظهرت خيوطها في سماء مصر وتونس وليبيا  ونجم الاستعباد في أفول ، فإن زرتنا في قابل وأدركتنا وأدركناك فقد تجدنا في حسن الاستقبال، ونرجو أن يطول مكثك فينا ولا تستعجل حتى تأخذ منا ونأخذ منك، وتحكي لنا تاريخ المجد ونبشرك بصُنّاع الغد .

ضع تعليقك هنا

اشتراك في يمن العجائب

مجموعات Google
اشتراك في يمن العجائب
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تعديل

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More