http://ibrahimalbrri.blogspot.com/2011/12/blog-post.html#ixzz2mznUMuyS

بحث هذه المدونة الإلكترونية

حديث لا تنقصه الصراحة عن الفساد

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث لا تنقصه الصراحة عن الفساد  وفيه مقترح لإنشاء الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد
هل آلمك تكرار كارثة جدة  بسبب الأمطار ؟وتريد أن تعرف السبب فيها ؟
هل حاولت يوما أن تحصل على حق يكفله لك النظام ولم تستطع ذلك ؟
هل مرضت أو كان لك مريض حالته حرجة ولم تستطع أن تجد له سريراً في مستشفى حكومي متخصص بدون واسطة ؟
هل لديك معاملة في إدارة حكومية مكتملة المسوغات ومستوفية الشروط ولم تستطع إنهائها منذ وقت طويل ومازالت معلقة بدون أسباب واضحة ؟
هل تضطر للبحث عن واسطة بعدما أعيتك السبل لتسجيل ابنك أو ابنتك في معهد أو جامعة أو وظيفة؟
هل تعرف أحداً تغيرت حالته بعدما تسلم منصباً خدمياً أو مهماً استطاع من خلاله الترقي من فئة ذوي الدخل المحدود ليلحق بعدها بقائمة ذوي رؤوس الأموال في البنوك والعقارات ؟
هل لاحظت أن هنالك منصباً عين له شخص غير كفؤ مع وجود الكثير ممن هو أفضل منه؟
هل لفت انتباهك ميزانية ضخمة لقطاع من القطاعات انتهى العام دون تنفيذ أي مشاريع ذات جدوى ضمنها ؟
وهل رأيت مشاريع نفذت وبدأت مشكلات سوء التنفيذ في الظهور منذ أول شهر بعد تسليمها ؟
هل ..وهل..وهل..؟
إنها بمجموعها أسئلة محصلتها النهائية تنتهي تحت عنوان واحد كبير معروف وشبه مسكوت عنه-أعني مسكوت عن الوقوف الحقيقي في وجهه- وهو الفساد.
إنه الفساد ذلك الداء العضال الذي ينهش مجتمعاتنا العربية والإسلامية مع أننا جميعاً نحرم ونجرم الفساد،لكننا في الجانب العملي التطبيقي نمارسه ونقوم به ولو من خلال السكوت –مختارين أو مجبرين- مع أننا نعلم جميعاً أضرار الفساد وحرمته ولكنك لو حاولت أن تُسيّر أمورك بدون المشاركة فيه -ولو كنت مرغماً- لوجدت نفسك مضطراً للخروج تماماً من العالم العربي والإسلامي.
كل هذا يحدث وكلنا نعلم وكلنا نشارك فيه دون أن تبدو لنا بارقة أمل في القضاء عليه أو حتى محاصرته في أضيق نطاق حتى لا يصبح سرطاناً يبتلعنا جميعاً.
والفساد مصطلح معناه واسع لا يقصد به الفساد الإداري أو التجاري فقط  لكنه يشمل كل ذلك الجانب الأسود من الحياة الدنيا إذ كل ما هو موجود في هذه الحياة ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما :إما صلاح أو فساد ،فكل شيء لا يصح وصفه بأنه صالح أو من جملة الصلاح فهو قطعاً فساد وهو بلا شك محرم في الإسلام ودرجة حرمته تزيد بزيادة ضرره وشره على الناس،وهذا من محاسن الإسلام الذي وضع قواعد كلية تنتظم جميع أمور الحياة.
ونبي الله شعيب عليه السلام كان شعاره(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله) وكذلك كان إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وهو شعار كل مصلح بحق بعدهم حتى قيام الساعة.
ومن أكبر الأخطاء ما يحدث عند كثير من المسلمين في قصر معنى الفساد على الجانب الأخلاقي فقط ، مما يؤدي بهم إلى التخفف من مشاعر الإثم حيال أنواع الفساد الأخرى-التجاري والاقتصادي والإداري وغيرها- إذ أن أكبر علاج لقضايا الفساد هو تفعيل وتغذية جانب الرقابة الذاتية حينما يستشعر الإنسان رؤية الله عز وجل له وتلك أعلى درجات العبودية وهي درجة الإحسان ؛ فيعلم الإنسان أنه محاسب ومسئول  عن أفعاله حين يلقى ربه،وكل تقليل لشأن الجانب الديني في علاج الفساد إنما هو زيادة لضراوته !.
و لست هنا بصدد الكلام عن الفساد الأخلاقي -على أهميته القصوى-إذ أن هناك مؤسسة أمينة تدافع عن الأخلاق وتحرص عليها وهي حكومية تتمثل في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي مؤسسة يجب أن تبقى حكومية ويجب أن تبقى تحت رعاية وزير الداخلية لتداخل أعمالها مع الأجهزة الأمنية والذين ينتقدونها في كل صغيرة وكبيرة هم فئة –بكل أسف- لا تعي معنى الفساد الأخلاقي ونحن مع الانتقاد الإيجابي الذي يسعى لتطويرها وتمكينها باعتبارها جهداً بشرياً يعتوره النقص في بعش الأحيان، لكننا ضد ذلك النقد الذي يسعى لهدمها وإلغائها على اعتبارها تدخل في حريات الناس (إتباعا لمذاهب البوهيمية).
كما أننا لسنا بصدد الحديث عن الغش التجاري وأنواعه ضمن كلامنا هذا وإن كنا نسعى لتفعيل المجتمع وإعطاءه دوراً مهماً في مكافحته مع أنواع الفساد الإداري.
ولكني أحاول الحديث حول الفساد الإداري الذي استشرى في كثير من مؤسساتنا الحكومية وأصبح كأنه جزءا من النظام بحيث أصبحت كثير من أنظمتنا البيروقراطية تشكل حصنا حصينا لحمايته وتشكل سوراً حول كثير من المسئولين المشاركين في الفساد بحيث يبقون في مناصبهم مدة طويلة مع كثرة الشكاوى وثبوت الاتهامات ضدهم ، بل إن بعضهم قد يُرقى إلى مناصب أكبر !.
وهؤلاء المسئولين الذين نطلق عليهم وصف المشاركين في الفساد قد لا يكونون يقصدون الفساد وقد لا يعلمون به أصلاً لكن فئة من المفسدين النافذين يجعلون أمثال هؤلاء ستاراً يتحركون خلفه.وإلا فإن كثيراً من هؤلاء لو علموا حقيقة بعمليات الفساد الإداري التي تمرر من تحت تواقيعهم لما بقوا يوماً واحداً في أماكنهم ، وبعض هؤلاء إنما يرغبهم في مناصبهم ما يجدونه من وجاهة اجتماعية وكثرة الظهور الإعلامي وبعض الفتات الذي يحصلون عليه ،وهذا أكبر همهم ولو أدى ذلك إلى خراب مالطة!!.
ما هو الفساد ؟
جاء في ويكيبـيديا تعريف الفساد بأنه  مصطلح يشير بشكل عام إلى حالات انتهاك مبدأ النزاهة.
وعرفه بعض الباحثين بقوله:اتفقت جميع التعريفات على الغاية أو الهدف من الفساد ، وهو الحصول على كسب خاص أو منفعة شخصية[1] .
وحتى أكون أكثر دقة في تحديد المقصود بالفساد سواء أكان ذلك بعلم صاحبه أو بغير علمه فإنه كل استغلال للمنصب الذي يستخدمه صاحبه في جر منفعة له أو لأحد معارفه بأي شكل من الأشكال مما يضر بمصالح الآخرين،أو يخالف الأخلاق الإسلامية بأي شكل ولو كان مجرد السكوت عن المخالفات دون نكير.
ومن عجائب العرب-المعاصرين- أنهم يشكلون ثلث الفساد على مستوى العالم وإذا أضيف لهم العالم الإسلامي أصبحوا يشكلون نصف الفساد العالمي.كما جاء في تقرير منظمة الشفافية لعام 2010م . والفساد المقصود في هذا التقرير ينحصر في سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية.فكيف بأنواعه الأخرى.[2]
لماذا الحديث عن الفساد؟
حينما يتحدث أي أحد أو يكتب عن الفساد فإنه لا يخرج عن أحد ثلاثة أسباب دينية أو اجتماعية أو سياسية:
أولاً:السبب الديني: امتثالاً لأوامر الله عز وجل في قوله: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ص : 28
وقوله عز من قائل:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) القصص : 77
و قوله سبحانه وتعالى :( إنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ) يونس : 81
ثم إن سبب الحديث عن الفساد بجميع أشكاله وبكل أهمية-ولا أقول بساطة- لأننا مسلمون والمسلم مأمور بإنكار المنكر امتثالاً لأوامر الله عز وجل كما في قوله تعالى :( ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )آل عمران : 104.
وامتثالا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع بلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فمن واجب كل مستطيع أن يغير ولا يجوز له أن ينزل إلى الدرجة التي تليها وهو يستطيع التي أعلى منها ما لم يكن هنالك موانع تضطره اضطرارا إلى الركون إلى الأدنى، وكل مواطن يجب عليه ما لا يجب على غيره بحسب مكانته ومسئوليته العامة في المجتمع انطلاقا من قاعدة المسئولية الإسلامية:(كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته).
ثانياً: السبب الاجتماعي:المجتمع كما مثله النبي صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد ، والفساد ينتشر بنفس آلية انتشار الخلايا السرطانية في الجسد فما لم يتم إيقاف تفشي سرطان الفساد فسيصبح الفساد سمة المجتمع ،وحيث أن الحديث عن الفساد يساعدنا على محاصرته في بؤرة محددة حتى لا يستشري ليصبح بعدها سرطاناً اجتماعياً يأتي على الأخضر واليابس .
كما أننا يجب نحاصر الفساد حفاظاً على مستقبل الأجيال القادمة ،فلئن استطعنا نحن الآن أن نسير أمورنا ولو بمشقة فإن أبنائنا سيعانون الأمرين منه وما لم نوقف زحفه الآن فإننا سنتسبب  في حدوث مشكلات كبرى يعاني منها أبنائنا في المستقبل وحينها سيكون دعاؤهم علينا لا لنا وقد نحمل أوزارهم إن تهاونا  في واجباتنا الآن .
ومن أهم الأسباب الاجتماعية أننا نلاحظ أن الفساد أصبح متمكناً بل ومؤسسياً  وبسلطة النظام في كثير من المؤسسات والأجهزة الحكومية ولو حتى في أدنى حالاته من الحاجة إلى الواسطة لإنهاء المعاملات؛ بل إنه ألقى بكثير من ظلاله على القطاعات الخاصة والشركات الأهلية.
   ومع كل ما نعلمه عن الفساد فإن :المسكوت عنه أكبر بكثير مما ينشر.  وقد تكون حصة ما ينشر عن الفساد متناسبة طرديا مع حرية الرأي والنشر.ومشكلة الفساد تعد أكبر المشكلات العالمية التي تُجمع المؤسسات المحلية والدولية على اعتبارها العقبة الرئيسة أمام الإصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح وسببا مهما لتنامي أعمال المخدرات والمافيات، ورغم أن معظم الحكومات والقيادات السياسية تعلن أن برنامجها هو مكافحة الفساد، فإنه (الفساد) يظل عمليا غائبا عن برامج الحكومات والمؤسسات المختلفة.[3]
ثالثاً: السبب السياسي: منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله قامت الدولة على الإصلاح ومنع الجور والفساد ومما أثر عن الملك فيصل رحمه الله في حرب الفساد ما قاله في خطاب للمواطنين : (على الشعب أن يساعد الدولة في أمانة وإخلاص ، وأن يقول للمحسن أحسنت وأن يقول للمسيء أسأت .وأن تكونوا عوناً للمصلحين حرباً على المفسدين... )[4]
ومن عبارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله ورده سالما معافى- المهمة التي غدت شعارا  مقولته  الشهيرة والشريفة : سأضرب بالعدل هامة الجور و الظلم .
كما اهتم خادم الحرمين الشريفين بالإصلاح ومحاربة الفساد منذ وقت مبكر ويأتي في إطار ذلك التعميم الذي أصدره حينما كان ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء تعميماً لكافة الوزارات والمصالح الحكومية يحث فيه المسئولين في هذه الأجهزة على بذل المزيد من الجدية في العمل ومعالجة قضايا المواطنين بإخلاص ومسؤولية وتحري الدقة في اختيار القياديين وعدم التردد في عزل من يثبت عدم صلاحيته لشغل وظيفته وترشيد الإنفاق بحيث لا يزيد عن الميزانية المخصصة لكل جهة.
كما أن من جهود الملك عبد الله في هذا المجال وأوامره الكريمة التي صدرت بتقصي الحقائق في قضية سيول محافظة جدة، كما يعد من جهوده كذلك إنشاء هيئة مكافحة الفساد.[5]
لهذه الأسباب الثلاثة وغيرها يجب علينا جميعاً كباراً وصغاراً مسئولين ومواطنين أن نسعى في مكافحة الفساد كل بحسب مسئوليته وإمكاناته وعلمه، ولو أننا جميعاً بذلنا شيئاً من  طاقاتنا لمكافحة الفساد  بشكل منظم لأصبح  الفساد بجميع صوره في خبر كان ولكن تواكلنا وتقاعسنا واستعجالنا النتائج حينما نتابع أعمالنا هو ما جعل المرتشين يكثرون والمفسدين يتضخمون ويتوالدون ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه مفسد وثان وثالث...بل وألف مفسد.
أين السبيل؟
حينما نكرر الكلام دون وضع علاج فإننا سندور في ذات الدائرة من البكائيات التي لا تنتهي والعقلاء يبحثون عن الحلول أكثر من استغراقهم في وصف المشكلات ، وكثرة وصف الفساد دون إيجاد علاج له لا تزيدنا إلا هماً ، وقد حرصت على أن أضع تصوري هنا عن الحل الناجع –من وجهة نظري- لعل في ذلك فائدة تعود على القارئ لا سيما إن كان متنفذاً أو مسئولاً يبحث عن من يشدّ من أزره ليسبح ضدّ تيارات الفساد المقيتة التي تشكل  البيروقراطية أكبر أسوار الحماية المتينة لها.
والحل في وجهة نظري وبحسب ما تجمع لدي من كتابات تبحث في موضوع الفساد يعتمد على جانبين جانب سياسي وجانب اجتماعي :
أولاً: العلاج في جانبه السياسي :ويتمثل في خطوات وقرارات سياسية تُفعل وتدعم وتتابع في الجوانب التالية:
1-دعم الجانب القضائي و إيجاد محاكم خاصة لقضايا الفساد وتوفير كادر وظيفي كاف ، وتسهيل إجراءات التقاضي ورفع القضايا وسرعة انجازها وعدم تأخير صدور الأحكام.[6]
2-فسح المجال ووضع أنظمة لإيجاد هيئات ومنظمات أهلية لمكافحة الفساد في أعلى درجاته ورفع الحصانة عن المسئولين وإقالة من تثبت عليه قضايا فساد بجميع أشكاله.
3-تطبيق مبدأ المساءلة الإسلامي (من أين لك هذا ؟) على كل من يتولى منصباً ومكافحة الإثراء غير المشروع ولو كان عن طريق غير مباشر.
على أننا هنا يجب أن نلتفت إلى مسألة مهمة جداً وهي إعطاء العاملين والموظفين حقوقهم وتحسين أحوالهم حتى يستغنوا بالحلال عن الحرام ، كما أنني لا أرى مانعاً في أن يكون لكل موظف حكومي يشرف على أي مشروع أو مناقصة أن يرتب له نسبة يأخذها لقاء إشرافه على المشروع أو المناقصة على أن تكون مقننة ومعقولة وبهذا فإن كثيراً من الموظفين المرتشين سيكفون أيديهم عن الرشوة طالما أنهم يجدون كفايتهم من الحلال.وفي ذلك أيضاً دعم للموظفين الأمناء الذين يتهربون من الإشراف على المشاريع بسبب الضغوط التي يتعرضون لها من الآخرين أو حتى ما يتعلق بإغرائهم بمبالغ أو هدايا ثمينة ، وإذا استطعنا تكثير ذوي الأمانة في هذه الأعمال ساعدنا في محاصرة الفساد بشكل كبير وفاعل.إننا في هذه الحالة نهيئ للموظفين رزقاً حلالاً يمنعهم عن الحرام فمن مدّ يده بعد ذلك إلى الحرام وجب كفها والتشهير بها.
4-العمل على إلغاء البيروقراطية والروتين الإداري الذي يتسبب في حدوث كثير من حالات الفساد وليس أقلها إهدار أوقات المراجعين في أمور غير مهمة لاسيما وأن شريحة كبيرة من هؤلاء المراجعين موظفين حكوميين وتتأثر أعمالهم بكثرة خروجهم لمعاملاتهم الخاصة.وبعضهم قد يدفع الرشوة ليختصر أوقات المراجعة.
5-توسيع خدمات الحكومة الالكترونية وتسهيل إجراءاتها للتقليل من منافذ المفسدين الذين يتسترون بالبيروقراطية ويتعللون بالأنظمة لتعطيل معاملات المواطنين ومصالحهم.
6-تفعيل مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة المجتمعية للمسئول وفق نظام يوضع وبشكل معلن وتوسيع دائرة المساءلة المنظمة والمنضبطة بحيث تصاحبها تغطية إعلامية حتى تصل إلى جميع المواطنين مما يجعل جميع المسئولين يحسبون حساباً لمناصبهم المناطة بهم حينما يحسون بخضوعهم للرقابة والمحاسبة.وليت أن مجلس الشورى يعلن قبل وقت كاف عن جلسات المساءلة للمسئولين ويفتح قناة لاستقبال شكاوى المواطنين حيال الوزارة المعنية قبل مساءلة مسئوليها.
7-بث الوعي الديني وتكثيف الدعوة لإحياء الإيمان في قلوب الناس والعمل على زيادة العناية بالرقابة الذاتية ليكون الإنسان رقيباً على نفسه.وبذلك يقل عدد المشاركين في الفساد أو الراضين به. ولنا في حملة التوعية الدينية التي كثفت لمحاربة التطرف الفكري مثال واضح وعملي للتوعية المتزنة والشاملة لكل فئات المجتمع حيث نجحت في محاصرة الفكر المتطرف حتى أصبح لا يعدو أن يكون أقلية منعزلة  ومنبوذة في المجتمع .
8-العناية بمهمة التربية على السلوك الصحيح والمواطنة الحقة  والقيم التي تمثل السلوك الإسلامي القويم والتي تحرص على مصلحة الجماعة ضمن خطط ومقررات المؤسسات التربوية بجميع مستوياتها في التعليم العام والعالي والمهني، مع ضرورة العناية بإيجاد القدوات العملية من الأساتذة والمربين الذين يؤثرون بسلوكهم  في النشء أكثر من تأثير الدروس النظرية.
9-تدريب الإعلاميين في(التلفاز والصحف والانترنت) على طرق اكتشاف الفساد والتوعية ضده بطرق علمية وبصورة متزنة بدون تفريق بين الناس وبدون إذكاء لمشاعر العداوة أو التحيز لفئة دون أخرى.وإذا قامت المؤسسات الإعلامية بدورها في كشف الفساد بطريقة مهنية متزنة قطعت الطريق على مثيري البلابل والإشاعات.
10-فضح المفسدين الذين ثبت تورطهم أكثر من مرة في قضايا فساد والتشهير بهم بعد تكرار ذلك منهم، صحيح أن الأمر مؤلم وموجع في البداية لكن جسم المريض قد يحتاج أحياناً لكي بعض أطرافه وقد يستلزم العلاج بتر بعض أطراف الجسم التي تغلغل فيها الداء.

ثانياً:العلاج في جانبه الاجتماعي(الشعبي):
الجانب الاجتماعي وما أدراك ما الجانب الاجتماعي؟ إنه باختصار تأمين لموظفي رقابة ومتابعة متطوعين من كافة فئات الشعب بدون دفع رواتب لهم وذلك من خلال تفعيل جانب الاحتساب بين المواطنين الذين لن يتوانون لحظة واحدة في عمل كل ما من شأنه الحدّ من الذين يتلاعبون في مصلحة الوطن والمواطن ومقدرات المجتمع.
ويتمثل تفعيل دور المجتمع  من خلال الاحتساب في مكافحة الفساد عبر إنشاء جمعيات شعبية أهلية لمقاومة الفساد تجتمع تحت مظلة واحدة هي الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد التي ترتبط مباشرة بالملك حتى تكون قراراتها مؤثرة بالقدر الكافي .
ويجب أن تكون هذه الجمعيات والهيئة العليا  التي ترأس جميع هذه الجمعيات الفرعية مكونة من مواطنين معروفين بالنزاهة وغير مطعون في أمانتهم بأي شكل من الأشكال لأن فاقد الشيء لا يعطيه.كما أنها يجب أن تكون ذات مشاركة خيرية دون مقابل ولا أجر يتقاضاه العاملين فيها ، وإنما يحتسبون عملهم لوجه الله و يبتغون به صلاح المجتمع على نحو ما جاء في  قول الله عز وجل: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ) هود : 116.
وقوله تعالى:( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ )صـ : 28.
وعلى هذه الهيئة أن تدعم مشاركة فئات الشعب كله للإبلاغ عن حالات الفساد وما يشبه الفساد وتفتح قنوات اتصال الكتروني عبر مواقع وهواتف مجانية ورسائل جوال  وبريد الكتروني بدون اشتراط لذكر اسم صاحب الشكوى أو المُبلّغ لأن كثيراً من المواطنين  إذا طلب منه ذلك منعه من المشاركة في التبليغ ، على أن الهيئة يجب أن تتحقق من كل ما يصل إليها حتى لا تتأثر بالشكاوى الكيدية وفي كثير من الأحيان تكون المؤشرات دالة على صدق أو كذب الادعاء .
كما ينبغي أن نتذكر أن تمسك هذه الهيئة الشعبية المنشأة حديثاً بأساليب القنوات الرسمية الموجودة أصلاً في كل الأجهزة الحكومية ستكون غير ذات جدوى إلا في زيادة العبء على ميزانية الدولة.
كما ينبغي لهذه الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد أن تفسح المجال لاستقبال البلاغات عن جميع أنواع وأشكال الغش التجاري والفساد الإداري بجميع أشكاله ولا يستثنى من ذلك إلا ما يتعلق بأمور الفساد الأخلاقي الذي يجب أن يبقى تحت مظلة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ذكرنا ذلك سابقاً ؛ وفيما عدا ذلك فتستقبله الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد وتفرز كل قسم وحده وتعد تقريراً به بعد التحقق من صحة البلاغات وتقترح القرار المناسب لكل حالة والعقوبات إن وجدت والغرامات مستندة في ذلك على أنظمة الحكم وأنظمة الوزارات ،وترفع تقاريرها إلى الرئيس الأعلى لها وهو الملك أو من ينيبه عنه ليصدر أمره بما يراه ودون تأخير لتعالج مشكلات الفساد في مهدها قبل أن تتمكن جذورها في الأرض.
ومما يجدر ذكره هنا أنه يوجد لدينا الكثير من الأنظمة المميزة والرائعة ولكن تعطيل تطبيقها في كثير من الأحيان يحد من فعاليتها وفائدتها.
-التقنية والتشهير في خدمتكم للحد من الفساد:
لعلنا نتذكر ضجة ويكيلكس وما أحدثته من تغيير كبير على مستوى العالم مع أنها إنما تعتمد على موقع ذا تقنية بسيطة وغير مكلفة مادياً -لكنها مكلفة اجتماعياً وسياسياً –بسبب أثر  التشهير على الأشخاص والدول من خلال تفعيل التقنية الحديثة والتي جاءت بكل بساطة لتقلب كثيراً من موازين اللعبة السياسية في الساحة الدولية وفي السياسات الداخلية لكثير من الدول، ونحن لا نحبذ التشهير ورمي التهم جزافاً ونأمل من كل صاحب حق أن يؤيد حقه بالوثائق التي تجعل من يراها يعلم أن الحق هو الذي يتكلم وليس هو؛ فهلا استفدنا من هذه التجربة بطريقة منظمة من قبل ذوي النزاهة والرأي في المجتمع بتكاتفهم مع الدولة لنكون كالجسد الواحد وحتى نقطع الطريق على تلك الدعوات الشاذة التي لا تريد بنا خيراً وتسعى لنشر الشائعات ورمي التهم المزورة على المواطنين والمسئولين ذوي النزاهة ، وتسعى للتفريق بين الشعب وبين الدولة .
وبكل حال  فإننا في حال إقرار هذه الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد نفعل مبادئ  إسلامية وإنسانية مهمة تضمن سلامة المجتمع وحمايته وتصون إمكاناته ومقدراته من عبث المفسدين الذين يتخذون أموال الناس دولا وعباد الله خولا،ولا يرعون حقا لذي حق ، ولا يتورعون عن فساد ، همهم زيادة أرصدتهم ولو هلك من هلك بسببهم ، لا يحرمون رباً ولا غشاً و لا رشوة ، الحلال عندهم ما حلّ في أرصدتهم ولو كان على جثث الفقراء .
وإني لأدعو كل قادر-مهما كانت قدرته- على المساهمة في تفعيل هذا الاقتراح والسعي في إعلان الحرب على غول الفساد الذي يزداد كل يوم شدة وضراوة وانتفاخاً ، ولو أن كل واحد منا قاوم الفساد ولو من خلال المقاومة السلبية بترك دعمه لقطعنا شوطاً كبيراً في الحدّ من زحفه.ويجب أن نحرص على عدم تخوين أحد بدون أدلة قاطعة ،كما يجب ألا نكون سورا قصيرا يستطيع كل مفسد ولو كان قزما أن يقفز فوقه.
وليكن رائدنا جميعاً شعار نبي الله شعيب عليه السلام حينما أعلنها في وجه قومه:
( إنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)هود 88.
كتبه / أبو بكر بن محمد
(خالد بن محمد الشهري)
25/2/1432هـ
Kmys99@yahoo.

ضع تعليقك هنا

اشتراك في يمن العجائب

مجموعات Google
اشتراك في يمن العجائب
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تعديل

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More